نزل السرور — تحوّل مسرحي وثورة موسيقية في أعمال زياد الرحباني
نزل السرور — تحوّل مسرحي وثورة موسيقية في أعمال زياد الرحباني
00:00
04:04

في عام 1974، أبصر الجمهور اللبناني مسرحية "نزل السرور" من تأليف زياد الرحباني، لتفتتح مرحلة جديدة في المسرح الموسيقي الحديث وتقدم نصاً جريئاً يقطع مع الإرث الرحباني التقليدي. تروي المسرحية قصة فندق شعبي يجمع شخصيات محرومة تعيش فوضى وصراعا بين الثورة والخنوع، في سياق اجتماعي وسياسي شهد لبنان فيه اضطرابات عميقة قبل اندلاع الحرب الأهلية.

تصوّر المسرحية صداماً بين العمال المسرّحين الذين يقتحمون النزل ومساعٍ لإثارة الثورة ضمن الفندق، مما يضع النزلاء أمام خيارات مصيرية بين تغيير الواقع أو الاستسلام له. وقد استخدم زياد القصة كمنصة لانتقاد التقاليد والسخرية من المشهد السياسي والاجتماعي، دون أن يتخلى عن لمسات الفكاهة اللغوية التي باتت علامته الفريدة في المسرح العربي.

من الناحية الموسيقية، تميز العمل بمجموعة من الأغاني والمقطوعات التصويرية التي كتبها ولحنها زياد بنفسه، وأدت بصوت جوزيف صقر وآخرين. تطبع الموسيقى بخلفية أوركسترالية شرقية تجمع بين البساطة والتجريب، وتستعرض قدرة زياد على المزج بين الروح الشعبية والمعاصرة في آن واحد. أعطت أغاني مثل "بعتلك" و"طلي اضحكيلو" للمسرحية حضوراً ثقافياً دائماً وأصبحت جزءاً من الذاكرة الجماعية اللبنانية.

تُحسب "نزل السرور" كبداية فعلية لتحوّل زياد الرحباني نحو خطاب ناقد وجريء، بعيداً عن السرد التقليدي والميل إلى نقل واقع الناس بهمومهم. لا يزال نص المسرحية يُتداول في الثقافة الشعبية، وتُردد أغانيها ومونولوجاتها على المسارح والمنصات الموسيقية حتى اليوم، ما يؤكد الموقع الريادي لهذه التجربة في تاريخ الدراما اللبنانية.