في مطلع سبعينيات القرن الماضي، برز اسم زياد الرحباني على الساحة الفنية اللبنانية كمؤلف موسيقي شاب حين قدّم مقطوعة "آثار على الرمال" ضمن أعمال درامية تلفزيونية، واضعاً بذلك بصمته الأولى في مجال الموسيقى التصويرية. جاء هذا العمل في عمر السابعة عشرة ليؤسس لبدايات جريئة جمعت بين الأصالة الرحبانية والنزعة التجريبية لدى زياد الرحباني.
تميّزت موسيقى "آثار على الرمال" بجماليتها الرهافة، فقد اعتمد فيها زياد على الأسلوب الأوركسترالي الشرقي، وركّز على عنصر الهارمونية والتوزيع العاطفي، مع إبراز دور البيانو وصوت الأوركسترا في رسم المشهد الدرامي. ويُنظر إليها اليوم كواحدة من أوائل المقطوعات التلفزيونية التي ألّفت خصيصاً لمسلسل لبناني، الأمر الذي شكّل تحولاً في أسلوب التلحين والاقتراب أكثر من وجدان الجمهور المحلي.
تأتي أهمية "آثار على الرمال" من ريادتها في التلفزيون اللبناني، إذ أنها المرة الأولى التي تُنتَج فيها موسيقى أصلية لمسلسل تمثيلي محلي، بدلاً من الاعتماد فقط على الأغنيات الشعبية أو التوزيعات القديمة. وقد أسهمت هذه التجربة في تعزيز حضور الموسيقى التصويرية بمسلسلات تلك الفترة، وزادت من الإقبال على الموسيقى الآلية في المشهد الثقافي والفني.
مثل هذا العمل نقطة التقاء بين تراث الرحابنة وإبداع زياد المستقل لاحقاً، حيث حافظ على عمق التأليف الشرقي وفتح المجال أمام التجريب الموسيقي. لم تتوقف إنجازات زياد الرحباني عند هذا الحد، بل واصل الكتابة والتلحين والتوزيع الموسيقي لعدد كبير من المسرحيات والأعمال الفنية، مرسّخاً مكانته كموسيقار ينتمي لجيله ويرسم ملامح الزمن اللبناني بصوت جديد يحمل هموم الحاضر ويشعل الحنين إلى الماضي.
عُرفت موسيقى "آثار على الرمال" بجمالها البكر وأصبحت مرجعية للأعمال التصويرية في الدراما التلفزيونية اللبنانية، وهي لا تزال تعزف في عدد من المهرجانات والعروض الموسيقية الحديثة، وتحظى بتقدير النقاد والجمهور كعمل يجمع الرقي الفني والبساطة في آن واحد.