صراع على خلافة الدالاي لاما: الصين تضع يدها على الروحانيات البوذية

أضيف بتاريخ 07/10/2025
دار سُبْحة


تتصاعد حدة التوترات الجيوسياسية والدينية حول مسألة خلافة الدالاي لاما الرابع عشر، الزعيم الروحي الأعلى للبوذية التبتية، في ظل اقتراب نهاية حقبته التاريخية. يشكل الدالاي لاما رمزاً للمقاومة السلمية والهوية التبتية، كما أن منصبه يتجاوز البعد الديني ليصبح محوراً للصراع بين التقاليد الروحية العريقة والطموحات السياسية للصين. منذ سنوات، أعلن الدالاي لاما أن اختيار خليفته يجب أن يتم حصراً وفقاً للتقاليد البوذية التبتية وبإشراف مؤسسة Gaden Phodrang التي أسسها بنفسه، رافضاً أي تدخل خارجي، خصوصاً من جانب السلطات الصينية.

في المقابل، تعمل بكين على فرض سيطرتها على عملية تعيين الدالاي لاما المقبل، مستندة إلى تشريعات أصدرتها عام 2007 تلزم بأن تتم المصادقة على أي "تجسيد بوذي حي" من قبل الحكومة المركزية الصينية. هذا التدخل الصيني يهدد بخلق انقسام داخل المجتمع البوذي، مع احتمال ظهور دالاي لاما "رسمي" تدعمه بكين وآخر يعترف به التبتيون في المنفى، ما يعيد إلى الأذهان الانقسامات التاريخية في الكنيسة الكاثوليكية. هذه المسألة تثير قلق المجتمع الدولي، إذ تعتبرها منظمات حقوق الإنسان اعتداءً صارخاً على حرية المعتقد والهوية التبتية. وقد أورد موقع معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) في تحليل حديث أن الصراع حول خلافة الدالاي لاما أصبح ساحة مواجهة بين الصين، التي تسعى لفرض نموذجها الثقافي والسياسي على التبت، وبين القوى الدولية التي تدعو لاحترام التقاليد الدينية وضمان حرية المعتقد.

تتجاوز تداعيات هذه الأزمة حدود التبت، حيث تلعب الهند دوراً محورياً باستضافتها حكومة التبت في المنفى وتقديم الدعم للشتات التبتي، ما يجعلها طرفاً أساسياً في معادلة التوازن الإقليمي. كما أن مناطق أخرى ذات أغلبية بوذية مثل منغوليا وبورياتيا تتابع تطورات الخلافة عن كثب، لما لها من تأثيرات مباشرة على هويتها الدينية وعلاقاتها مع بكين. في ظل هذه المعطيات، تبدو مسألة خلافة الدالاي لاما اختباراً حقيقياً لقدرة المجتمع الدولي على الدفاع عن الحريات الدينية في مواجهة سياسات الهيمنة الثقافية والسياسية الصينية.