في عالمنا الرقمي المتسارع، وجدت نفسي أواجه معضلة غريبة: لم أعد قادراً على القراءة كما كنت من قبل. عندما حزمت حقيبتي لقضاء الصيف في تركيا، كانت الكتب تشغل معظم المساحة، لكنني عدت وكلي خيبة أمل - فمعظمها لم يُفتح.
هذه الظاهرة ليست فردية. فوفقاً لدراسة حديثة أجرتها مؤسسة المستقبل، فإن ثلثي الكتب المشتراة أو المهداة لا تُفتح أبداً. وتشير الإحصائيات إلى تراجع مستمر في معدلات القراءة المنتظمة بين البالغين.
لكن ما الذي يحدث حقاً؟ تقول الدكتورة سيمون إيميغ، الباحثة المتخصصة في القراءة والإعلام بمؤسسة القراءة في ماينز، إن هذه الظاهرة مرتبطة بتعدد الوسائط في حياتنا اليومية. فالرسائل النصية، والبحث عبر جوجل، والتنقل المستمر بين المهام الرقمية المختلفة، كلها عوامل تشتت تركيزنا وتعيق قدرتنا على القراءة العميقة.
وفي عصر منصات التواصل الاجتماعي مثل BookTok وإنستغرام، أصبحت القراءة نوعاً من الاستعراض الاجتماعي. نرى صوراً لا تنتهي للكتب بجانب فناجين القهوة، لكن هل يقرأ الناس حقاً كل هذه الكتب؟
الحقيقة أن جيلنا يقرأ باستمرار - رسائل البريد الإلكتروني، والمحادثات عبر واتساب، والمقالات الإخبارية. لكننا لا نعتبر هذا النوع من القراءة "قراءة حقيقية". لماذا نضع أنفسنا تحت هذا الضغط المستمر؟
ربما حان الوقت لنتوقف عن جلد الذات. كما تقول الدكتورة إيميغ: "علاقتنا بالقراءة تتطور باستمرار خلال حياتنا. وإذا كنت قارئاً نهماً وقررت التوقف لفترة، فهذا اختيارك."
وأخيراً، بعد رحلة طويلة من التأمل الذاتي، تعلمت أن أتصالح مع نفسي. لم تعد رؤية كومة الكتب غير المقروءة تثير في نفسي الشعور بالذنب. سيأتي دورها في الوقت المناسب - وحتى إن لم يأتِ، فربما هذا ليس بالأمر الخطير.
المصدر: مقتبس بتصرف من Courrier International