تخيل نفسك واقفاً أمام المحيط، تراقب مشهداً طبيعياً مذهلاً: أمواج تتقاطع لتشكل نمطاً هندسياً متناسقاً. هذه الظاهرة الطبيعية، التي يطلق عليها العلماء اسم "البحر المتقاطع"، تستحق اهتمامنا لجمالها وتحدياتها.
وفقاً للأبحاث المنشورة في مجلة Nature العلمية (2024)، تحدث هذه الظاهرة عندما يلتقي نظامان من الأمواج بزوايا مختلفة. وكما تشرح الدكتورة ماري لوران، عالمة المحيطات في المعهد الفرنسي لأبحاث استغلال البحار (IFREMER)، "الأمر أشبه بلعبة شطرنج يلعبها المحيط مع نفسه، مشكلاً نمطاً متحركاً على سطحه."
تشكيل هذه الأمواج المربعة ليس محض صدفة. فقد أظهرت دراسات البروفيسور جيمس أندرسون من جامعة ساوثهامبتون، المنشورة في مجلة "Ocean Dynamics" عام 2023، أن هذه الظاهرة تظهر غالباً بعد مرور جبهة جوية، حيث تستمر الأمواج القديمة في حركتها بينما يتشكل نظام جديد تحت تأثير الرياح.
ما يجعل هذه الظاهرة مثيرة للاهتمام بشكل خاص هو وصفها الرياضي. تستخدم معادلات كادومتسيف-بيتفياشفيلي من قبل علماء المحيطات المعاصرين لنمذجة هذه التفاعلات المعقدة بين الأمواج بدقة. وكما تؤكد دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (2024)، تساعدنا هذه النماذج الرياضية على فهم وتوقع هذه التشكيلات بشكل أفضل.
بالنسبة للبحارة ذوي الخبرة، يمثل البحر المتقاطع تحدياً كبيراً. يقول القبطان بيير دوبوا، الذي يمتلك خبرة 30 عاماً في الملاحة البحرية: "تخلق هذه الظروف بحراً يصعب قراءته. حتى أقوى السفن يجب أن تتوخى الحذر الشديد."