يُقدم كتاب "Brothers Behind Bars" (الإخوان وراء القضبان) للباحث ماثياس غيو Mathias Ghyoot قراءة عميقة وجديدة في تاريخ الإخوان المسلمين في مصر، مستعرضًا الدور المُحوري الذي لعبته السجون المصرية في إعادة تشكيل أفكار هذا التيار الإسلامي، وذلك بين نهاية حرب فلسطين 1948 ونهاية حكم أنور السادات في 1975.
يعتمد المؤلف على أكثر من ثلاثمائة شهادة وذاكرة كتبها أعضاء وعضوات الإخوان بعد اعتقالهم، ليكشف الصراعات والتفاعلات التي جرت في قلب المؤسسات العقابية المصرية بين إسلاميين متشددين ومعتدلين، وضباط مخابرات، ورجال دين، ومعارضين من تيارات أخرى حتى الشيوعيين والصهاينة. ويدعم غيو فرضيته بأن السجن لم يكن فقط أداة قمع بل فضاء لإنتاج الأفكار وتلاقحها؛ إذ شهد جدالات ولقاءات أثرت على التوجه السياسي والديني لجماعة الإخوان المسلمين.
يبرهن الكتاب على أن الدولة المصرية أثرت بشكل جوهري على مسار الإخوان، ليس فقط بقمعهم، بل بتوفير ظروف حوار قسري داخل جدران السجن أدت إلى تعزيز روح المقاومة والتنظيم الذاتي، بل وإبداع نموذج افتراضي لمجتمع إسلامي منشود عكس تجربة الاعتقال الجماعي. لم يتمركز عرض غيو حول ما منع النظام القمعي الإخوان من القيام به فقط، بل حول ما أتاحه لهم من فرص لنقد الذات وبناء تصورات جديدة للسلطة والدين.
"الإخوان وراء القضبان" يسلط الضوء على تشكل "مجتمع السجن" الذي أسس أساطير الجماعة حول الصمود ونقاوة الفكرة، ويمنح القارئ فهماً معمقًا لعلاقة الدين بالسياسة في مصر القرن العشرين، وكيف أن رحلة الإخوان في السجون شكلت رافعة أساسية لإيديولوجيا الجماعة وخطابها المعارض.